ف

راسلنا

منتدى

عن الندوة

أدب وأدباء

صوت الشعر

شعر صيني مترجم

شعر إنجليزي مترجم

شعر مترجم

شعر عربي

مروة دياب - مصر

هروب

مروة دياب - مصر

 

و لأني الهارب من جدران التاريخ

و من آلام السفر

لأني الباحث عن ثقب مخنوق

أدفن فيه كياني

أهرب منه من المجهول إلى المجهول

أهرب من ذاتي

من هذا الواقع

من حبر الصمت و صرخات المخذول

أهرب.. أهرب

من ذاكرة النسيان

لأحتضن المنفى

أهرب من وطن عشت الدهر أكابده

يأويني المنفى

يسعدني

يشعرني أني حي لا زلت أناضل

أني لا زلت أدب على ظهر الأرض

يشعرني

أني لا زلت أحبك يا وطني

و أُفَتِّشُ عنك و عن لغةٍ تحويني

لغةٍ لا أسأمها

أشعر معها أنك مينائي

أنك يا أملي

رغم التغريبة شاطئ أهوائي

يشعرني

أن الأرض سواك هي المنفى

أن فضاء الكون بلا عينيك

هو السجن المخنوق

علمني المنفى..

 كيف أحلق بجناح مكسور

في آفاق الأوهام

كيف أرفرف فوق بروج الطغيان

و كيف ألملم أجزائي

لما بعثرت الغربة أشلائي

علمني كيف أرتب أوراقي و أضاحكها رغم الأحزان

ما أجمل ذاك المنفى

من وطن يجبرني أن أتنحى

عن عرش الوهم الخالد و دفيء الأحلام

يُسْلِمُني لليأسِ

و يقتل نبضي الحالمَ بصقيع الواقع و الآلام

وطنٍ يغرس في قلبي

شجرةَ بؤسٍ

أشواكًا تغتال الحبَّ

و تذبح معها كلَّ سَلام

 

وطني إنك تعرفني..

تعرفني من يأسٍ في العَيْنَيْنْ

تعرفني من بؤسٍ يعلو ذي الشَّفَتَيْنْ

و أنا لا زلت بأحلامي

أقتلع التِّنّينَ من النَّهْرَيْنْ!!

لست بموسى..

لست مسيح القرن الحاضر

أنا يا وطني

أرقب ما بين السَّدَّيْنْ

لست بعبد كي أستصرخ ذا القرنينْ

أرفض عودة يأجوج و مأجوج

و لكني..

لن أستصرخ ذا القرنينْ

السد أمامي..

يهتزُّ

تتزعزع أركانه ركنًا ركنًا

أخشى يا وطني

إذا ما انكسر السد و ساح السيل على أرضي

لن ينفعني يومًا عِنْدي

لكني لا زلت أنادي:

لن أستصرخ ذا القرنينْ

 

أهرب من رقعة شطرنجٍ

دومًا كنت أنا فيها الجُنْدِيَّ الحالِمَ

بالشَّطِّ الآخر

حين يُتَوَّجُ بعد عناءٍ

خيلاً أبيض

يعدو معه فوق حدود اللعبة

يهرب من واقِعِهِ

و تَحَكُّمِ من يملك تلك الرقعة في منصِبِهِ

كلاّ كلاّ

أنا خيلٌ أبيض

أقفز من ذاك الجزءِ الداكنِ من لعبتكم

نحو الحرية و المجهول

كلا كلا

لن تُرْسَمَ بعد اليوم خُطايْ

سأثور على رقعة لعبتكم

و سأقلب كل عساكرها

فوق رؤوسكم المحشُوَّةِ بالغازات

و سأعدو نحو المجهول

 

أهرب من حوصلة الطِّبِّ

و من سور الجامعة المتهالك

حول الجثث و أشلاء الموتى

من رائحة الفورْمالينْ

أرقص مع عزف الأموات لسيمفونية حلمي الضائعِِ

في المشرحة الكبرى

أتذكر حطين فأهرب

أهرب من نفسي

و أفر إلى البحر العابث بالريح الشتوية

و أحدثه..

ها سَعْد الواقف تحت الشمسْ

ينظر للبحر بعينيه الحالمتينْ

يرمق بهما من تحت القدم

و يتمنى لو كان بوسعه ركلُ أولئك بالقدمينْ!!

ها زغلول و قد أضْحى

قطعةَ تمثال!!

 

أهرب من قطعة تمثال قد يحويني إن صرت عظيمًا

و لماذا أهرب؟؟

أنا نفسي قطعة تمثال!!

 

و أُحَدِّقُ في البحرِ

و في آفاق البصر اللامحدود

يأخذني معه البحر إلى المجهول

ميدان المَنْشِيَّةِ يشهدني

آه.. إن المجهول يطاردني

حتى عندك لا ينساني المجهول!!

يا ذاك الجندي الباسل

مَيْدانُكَ يحمل رائحة المسك

و يحمل أشرف ما في هذا التاريخ المعجون بماء الزيف

ما بال الناس تمر عليك و لا تعبأ؟

ما عدت تُذَكِّرُهُمْ مجدًا

ما عدت تُرَقِّقُ فيهم أي شعور!

يا ذاك الجندي المجهول

كم أحتاج اليوم إليك تعلمني فلسفة القوة

أَوَ تعلم أنّي..

لا زلت الهارب من كتب الواقع

من ديوان العته الأزلي

و من صمت البوح و عجز الروح عن الكتمان؟

أنا ذاك الهارب منك

فلن أرضى يومًا

أن أصبح جنديًّا مجهول!

 

الدوري الإفريفيُّ يَشُّلُّ الشارع

يحتَلُّ عقول المارَّة

يغزوني رغمًا عن أنفي

و تسد الآفاق وجوه

لم تألفها أرصفة الطرقاتْ

بات الدرب إلى المريخ

أسهل من أن ألمح سور الجامعة المتلاشي

خلف دخان السياراتْ

و خلف صفير السوداواتْ

لن أصل الجامعة اليوم..

أخشى أن أخترق حشود الجمهور لأعبر

فضيوف البلدة ثقلاء اليد!!

"البالطو" الأبيض لا يشفع لي

حتى ذاك الوجه العربي المستهجن من قبل العالم

لن يشفع لي

إما أن أختار السحق بذي الأقدام

أو أوثر دفء فراشي

و ربيع الأحلام..

 

أعدو للمنزل..

علَّ هواء البيت المخنوق يحررني

من ذاك القهر الساري بين شراييني

من كونٍ مقلوبٍ أمقته أرضًا و سماءْ

أستكتب قافيتي الخرساءْ

أبكي من هيمنة الظلم على أرضى

حتى الغرباءْ!!!!

لم يعطوني وزنًا أو قيمة

و أنا ابن الأرضِ!

و ملامح وجهي العربية لا تسمح لي

أن أخترق حشود السود و أعبر أنى شئت على أرضي!!

أنا أملك تاريخًا ذهبيًا

لن تدركه مباراتكم البلهاء

 

أسياف الواقع تترصًّدُ أحلامي

فتصادر ما يتبقى من أشلاء كياني

معها أتساقط كخريف العمر..

و ريعان شبابي مدفون

بين الحرية و المجهول..

الفارق بينهما:

وهمٌ

لا يسعفني أفْق خيالي أن أدركه

أتعذب وحدي بظنوني

بأمانٍ أبنيها من قلبي

و أعيش هنا فيها وحدي

 

و أنا في ريعان شبابي

تزداد خطوط جبيني عمقًا عمقًا

و يكاد الشيب يعسكر رأسي

لولا أوهامي..

أني قد أحيا فوق مرابع أحلامي

أني و العودة وجهان

 

من أين العودة يا وطني؟؟

و خريف العمر يذوِّب أحلامي؟؟

و يسطر بيديه الحاقدتين

نهاية أيامي

يومًا يا وطني..

سأكف عن الهرب الدامي

و سأهدم منفاي

و أعود إليك بآلامي

بيدي و يديك..

ستصبح كل الأحلام حقيقة

 

فبراير 2006 م

__________________

Comments 发表评论 Commentaires تعليقات

click here 按这里 cliquez ici اضغط هنا

ضع إعلانك هنا