أشعر حين تحدثني فاتنتي الحسناء
أني ألمح طفلا يعدو فوق حشائش خضراء
تتماوج تحت الريح
و بأني أبصر سفنا ترسو فوق شواطئ عذراء
و يجيئ من الأيام الجوفاء المنسية أصداء حفيف
يتراقص فوق سهول بيضاء
و يضئ براعم أزهار
و يهز الأعشاب البرية
فوق تلال غائمة بضباب خريف
أشعر حين تحدثني
أني أذكر أحزاني و بكائي
و أمانيَّ المنفية في جزر الأزمان
و أشاهد أسماكا زرقاء
تتراقص في شعب المرجان
و يهاجر عصفور وردي
نحو نوافذ مدن الجان
و أفتش عن أزمنة كنت أسافر فيها غضا
كان الطير يردد فيها شدوي
و يرق الزهر لملمس كفي ؟
تتفجر فيه الألوان
أشعر حين تحدثني
أني أرحل في طرقاتٍ
أورق فيها الشجر النابت من خطو الغرباء
و بأني صرت طيوفا فوق مرايا
و حروفا باكية في كتب الشعراء
أشعر حين تحدثني
أني مبتئس و وحيد كغلام
و بأني سوف أظل أفتش عنها
عبر شوارع مدن الغربة طول العام
أشعر أن سطور حياتي الماضية المنقوشة في صفحات الذكرى
ما كانت إلا أوهام
و بأن لحزني تاريخا يمتد لآلاف الأعوام
أشعر حين تحدثني
أني أسبح في نهر الأنغام النابع من شفتيها
أشعر أني أفقدها
و بأني رغم القرب أتوق .. أتوق .. أتوق إليها
و بأني أحتضن مجرد طيفٍ
جاء لروحي من دمع الأحزان المنساب عليها