|

قراءة في كتاب
الطواسين للحلاج
عبد الوهاب
البياتي - العراق
( 1 )
|
أصرخ في ليل القارات الست أُقرِّبُ وجهي من سور الصين، وفي نهر
|
|
النيل أموت غريقًا، كل متون الأهرامات معي، ومراثي المعبودات،
أموت |
|
وأطفو منتظرًا دقات الساعات الرملية في برج الليل المائل،
|
|
أبني وطنًا للشعر، أقرب وجهي من وجه البنّاء الأعظم، أسقط في فخ
الكلمات |
|
المنصوبة، يُبنى حولي سورٌ، يعلو السور ويعلو: كتبٌ ووصايا تلتف
|
|
حبالاً، أصرخ مذعورًا في أسفل قاعدة السور. لماذا يا أبتي أنفى
في |
|
هذا الملكوت؟ لماذا تأكل لحمي قطط الليل الحجريِّ الضارب في هذا
|
|
النصف المظلم من كوكبنا؟ ولماذا صمت البحر؟ الإنسان المفعم
موتًا في |
|
هذا المنفى؟ هذا عصر شهود الزور؟ وهذا عصر مسلات (...) أقرِّب
|
|
وجهي من وطن الشعر، أرى آلاف التعساء المنبوذين وراء الأسوار
|
|
الحجرية. في منتصف الليل يغيب النجم القطبي وينبح كلب قمر الموت
|
|
لماذا يا أبتي صمت الإنسان؟
|
( 2 )
|
من تحت مسلات طغاة العالمْ
|
|
أصرخ في ليل القارات،أقدم حبي قربانْ
|
|
للوحش الرابض في كل الأبواب.
|
( 3 )
( 4 )
|
واحدة بعد الأخرى، ترتفع الأيدي في وجه الطغيان
|
|
تقطعها، واحدة بعد الأخرى، في كل مكانْ.
|
( 5 )
|
فلماذا، يا أبتي، لم ترفع يدك السمحاء؟
|
( 6 )
|
يسرقها، في كل الأزمان، لصوص الثوراتْ.
|
( 7 )
|
(زاباتا) كان مثالاً ومئات الأسماء الأخرى
|
|
في قاموس القديسين الشهداءْ.
|
( 8 )
|
فلماذا يا أبتي صُلب الحلاج؟
|
( 9 )
|
في أحواض الزهر وفي غابات طفولة حبي, كان الحلاج رفيقي في كل
|
|
الأسفار، وكنا نقتسم الخبز ونكتب أشعارًا عن رؤيا الفقراء
المنبوذين |
|
جياعًا في ملكوت البنّاء الأعظم عن سر تمرد هذا الإنسان المتحرق
|
|
شوقًا للنور، المحنيّ الرأس إلى السلطان الجائر. كان الحلاج
يعود |
|
مريضًا وينام سنينًا ويموت كثيرًا ويهز القضبان الحجريَّةَ في
كل . |
|
سجون العالم. قال الحلاج: (وداعًا) فاختفت الأحواض وداعًا!
غابات |
|
طفولة حبي، سيصير الماء دموعًا والموت رحيلاً في هذا المنفى.
|
|
هذا عصر شهود الزور (...) الدول الكبرى - الجنرالات - الآلات.
|
|
لماذا يا أبتي لم ترفع يدك السمحاء بوجه الشر القادم من كل
الأبواب؟ |
|
لماذا تُُنفى الكلمات؟ يصير الحب عذابً؟ والصمت عذابً؟ في هذا
|
|
المنفى؟ وتصير الكلماتْ طوق نجاةْ.
|
|
للغرقى في هذا اليم المسكون بفوضى الأشياء؟
|
( 10 )
|
كل الفقراء اجتمعوا حول الحلاج وحول النار
|
|
في هذا الليل المسكون بحمى شيءٍ ما, قد يأتي أو لا يأتي من خلف
الأسوار |
[ من ديوان (قمر شيراز) ] |