ـــــــــــ
وَجْهٌ أَوَّل
"نَارسِيسُ" الطَّيِّبُ
عَاشَ وَحِيدا
اِخْتَزَلَ العَالَمَ فِي
بُقْعَةِ ضَوْءٍ تَعْكِسُها المِرْآةُ الكَوْنِيّة
اِعْتَزَلَ القُبْحَ
المُتَنَاسِلَ خَلْفَ شُقَاقِ الأَقْنِعَةِ الزَّيْتِيّة
اِعْتَكَفَ بِجَانِبِ
نَهْرِ الوَجْدِ المَسْحُور
يَتَلَمَّسُ يَرقَاتِ
النُّور
يَتَبَتَّلُ فِي
مِحْرَابِ الذَّات
يَتْلُو مِنْ آيِ
النَّرْجِس:
( ألِفْ / نُونْ / ألِفْ
)
صَدَقَ النَّرْجِس.
"نَارسِيسُ" الطَّيِّبُ
مَاتَ وَحِيدا
اِرْتَشَفَ عَصِيرَ
الرُّوحِ الْمَسْمُومِ بِأَخْلاطِ الأَحْلاَم
اِفْتَرَشَ العُشْبَ
المُتَأَوِّهَ تَحْتَ حَوافِرِ خَيْلِ الصَّيْد
حَلَّ القَيْد
أطْلَقَ لِلمَوْتِ
تَبَارِيحَ الشَّوْق
أغْمَضَ أجْنِحَةَ
العِشْق
رَتَّلَ مِنْ آيِ
النَّرْجِس:
(ألِفْ / نُونْ / ألِفْ /
يَاءْ )
صَدَقَ النَّرْجِس.
"نَارسِيسُ" الطَّيِّبُ
رُفِعَ وَحِيدا
حَيّاً فِي جَسَدِ
النِرْجِسةِ الْمَصْلُوبةِ عَطَشًا فَوْقَ النَهْر
تُنْشِدُ مِنْ آيَةِ
نارسيس الكُبْرَى:
( العِشْقُ المَوْت )
شَهِدَ النَّرْجِسُ.
* * *
وَجْهٌ ثَانٍ
سِيزِيفْ...
الأَخْرَقُ سِيزِيفْ
فِي كُلِّ صَبَاحٍ
يَسْجُدُ لِلآلِهَةِ الطِّينِيّة
يَذْبَحُ كُلَّ طُيُورِ
الحُرِّيَّةِ قُرْبَانًا لِلصَّنَمِ الأَعْظَم
يَغْتَسِلُ بِعَرَقِ
الذُّلِّ المُتَصَبِّبِ تَحْتَ الْعَرْشِ
يُحْكِمُ شَدَّ إِزَارَ
خُضُوعِه
يَتَدَثَّرُ بِرِدَاءِ
خُنُوعِه
يَخْرُجُ، تَتْبَعُهُ
كِلابُ الرَّبِّ المَسْعُور
تَرْصُدُ خَطْوَه
تَنْهَشُ كَعْبَه
يَحْمِلُ صَخْرَتَهُ
وَيَصْعَدُ جَرْيا
يَنْسَلُّ إِزَارُه
يَتَضَاحَكُ نُدَمَاءُ
الرَّبِّ وَأَعْوَانُه
يَهْبِطُ لهثًا
يَصْعَدُ لهثًا
يَهْبِطُ
يَصْعَدُ
يَهْبِطُ
حَتَّى آخِرِ قَطَرَاتِ
اللَّيْل
فَيَعُودُ لِيَسْجُدَ
حمدًا لِلرِّقّ !
* * *
وَجْهٌ ثَالِث
أَفْرُودِيت...
تِلْكَ الغَانِيَةُ
المَعْجُونةُ بِرَمادِ الشَّهْوَةُ
لَمْ تَأْكُلْ يَوْمًا
نَثْرا
لَمْ تَشْرَبْ أَبَدًا
شِعْرا
لَمْ تَلْعَقْ قَلَمًا
أَوْ وَرَقَة
لَكِنَّ السَّهْمَ
النَّافذَ مِنْ قَوْسِ الخَصْرِ المُلْتَهِبِ
سَطَّرَ فَوْقَ جُلُودِ
النُقّادِ أَهَازِيجَ الرَغْبَة
قَالَ الأَوَّل:
يَا شَاعِرةَ المَطَرِ
المُنْهَمِرِ بِأوْدِيةِ الحُلْم.
قَالَ الآخَر:
يَا ذَاتَ الحَرْفِ
المُتَوَضِّئِ ألْقًا فِي نَهْرِ النَّغَمِ.
قَالَ الحَاذِق:
يَا سِتَّ الشِّعْرِ
وَسَيِّدَتَه
يَا رَبَّةَ أَرْبَابِ
جُنُونِه
الشِّعْرُ بِكَفِّكِ
مُخْتَلٌّ
مُعْتَلٌّ
نَشْوَانٌ،
يَتَرَاقَصُ قَدُّكِ
بِعُيُونِه.
وَحْدَهُ ذَاكَ
المَخْبُولُ " أَبُوللُو"...
يتَحسَّرُ فِي دَهْشَة:
هَلْ هَذَا شِعْر؟!
يَا لِلمِسْكِينِ
الأَبْلَه...
يُؤْمِنُّ بِالشِعْرِ
صَلاةً لِلرُّوح.!
* * *
وَجْهٌ رَابِع
القَدَاسَةُ
وَالنِّخَاسَةُ جَارَتان...
بَيْنَهُمَا جِدَارٌ
رَقيق
تُقِيمُهُ وَرَقَةُ تُوت
نَزَعَها القِدِّيسُ "دِيُوكَاليون"
لِيَبْتَاعَ سَفِينَةَ
نَجَاة.!
* * *
وَجْهٌ خَامِس
"بِجْمَاليون"
العَاشِقُ الذَّكِيّ
زَهِدَ الحَيَاةَ
الْمَسْكُونةَ بِالمَوْت
وعَشِقَ المَوْتَ
الْمَسْكُونَ بِالحَيَاة.!
* * *
إسلام شمس الدين
islam_shamseldin@hotmail.com