|

النور يأتي من
غرناطة
عبد الوهاب
البياتي - العراق
( 1 )
|
أتكور طفلاً كي أُولد في قطرات المطر
|
|
المتساقط فوق الصحراء العربية، لكن الريحَ
|
|
الشرقية تلوي عنقي، فأعود إلى غار (حِراء)
|
|
يتيمً، يخطفني نسر؟، يلقي بي تحت سماء
|
|
أخرى. أتكور ثانية، لكني لا أولد أيضً،
|
|
أتخطى الوضع البشري، أدور وحيدًا حول
|
|
منازله في الأرض، يلاحقني صوت كمان
|
|
يعزف في الليل عليه مئات العشاق
|
|
المسكونين بنار الميلاد، أحاول أن أتوقف عند
|
|
الوتر المرتجف المقطوع، ولكن الموسيقى
|
|
تجرفني، أصرخ عند الذروة، إيقاع مصحوب
|
|
ببكاء إنسانيّ؟ يندفع الآن ويخبو، موسيقى
|
|
أعمى ينزف فوق الأوتار دمً، يرفع مثلي يده
|
|
في صمت فراغ الأشياء، ويبحث عن شيء
|
|
ضاع، يدور وحيدًا حول الله، بصوت فمي أو
|
|
فمه يصرخ، تحمله الذروةُ نحو قرار الموجة،
|
|
يبكي تحت سماء بلاد أخرى، لكن الأوتار
|
|
تظل تلاحقني في صمت القاعة. من منا يولد
|
( 2 )
|
يعري الموسيقى الأعمى جرحك أم جرحي؟
|
|
من منّا ينزف فوق الأوتار دمً؟ من منا
|
|
العازف تحت الشرفات العربية في غرناطة،
|
|
يبكي حبّا م، وحبيبًا م، ويطوف أزقتها
|
|
مخمورًا في وحشة من يرحل أو يبقى، يبدأ
|
|
أو يُنهي رحلته، ويقول وداعًا لمآذن قصر
|
|
الحمراء، يدور وحيدً، حول الله وحول منازله
|
|
في الأرض، يلاحقه صوتُ كمان؟. لن أبحث
|
|
عن أوتار؟ أخرى، فغنائي بلور حطمه في أرض
|
|
الصيرورة صوتُ غناء الإنسان الواعد والحب
|
|
الموعود.. لماذا عرباتُك في بابي تقفُ الآن؟
|
|
وخيلُك تصهل تحت وميض البرق الداهم في
|
|
هذا الليل الإسباني؟ لماذا لم تُطلق قوسك في
|
|
برج الجوزاء لكي يأخذ وجهي شكل أبي
|
|
الهول الرافض في بسمته العدمَ المجهولْ؟
|
( 3 )
( 4 )
|
رجل في سفر، يترنَّح وهو يتوِّج امرأة
|
|
بضفائره، ويعانقها ويقول لها: يا ضوء
|
|
الحب ويا لغةً يُستولَدُ منها وبها ولها هذا
|
|
الطفل المتكور كي يولد في قطرات المطر
|
|
المتساقط فوق الصحراء العربية، لكن الريح
|
|
الشرقية، تلوي عنق الطفل وتذرو السحب
|
|
البيضاء هباءً، ويظل الرجل الطفل سنينًا في
|
|
سفر؟. ما يبقي يهدمه أو يبنيه الشعراءْ، ويقول
|
|
لها من منَّا الخاسرُ في لعبة هذا الحب الهدَّامْ؟
|
|
ولماذا يسكنني هذان الضدَّان؟
|
|
(لن يبني بيتً، من لا بيت له الآن)
|
|
لكن المرأة تبكي غربتها في منفى لغة الرمز،
|
|
تخون ويسقط تاج الذهب المضفور على
|
|
قدميها. صوت كمان؟ يعزف في الليل عليه
|
|
مئات العشاق، يلاحقني، أتوقف عند الوتر
|
|
المرتجف المقطوع، ولكن الموسيقى تجرفني،
|
|
أصرخ عند الذروة من من، غرناطة، خان وباعَ
|
|
عذابَ الشعراءْ وسنابل قمح الفقراء؟
|
|
إيقاع مصحوب ببكاء إنسانيّ؟ يندفع الآن
|
|
ويخبو، موسيقى أعمى ينزف فوق الأوتار دمً،
|
|
يرفع مثلي يده في صمت فراغ الأشياء،
|
|
ويبحث عن شيء ضاع، يدور وحيدًا حول
|
|
الله، بصوت فمي أو فمه يصرخ: مَنْ منّا
|
|
خان الآخر؟ من منّا حبًّا مات؟
|
( 5 )
|
المرأة ظلت تبكي في منفاها الأبدي وتبكي النافورةُ في قصر
الحمراء |
[ 2 - 6- 1977 ] من ديوان (مملكة السنبلة) |