
بادر الفرصة
محمود سامي البارودي - مصر
بادرِ الفُرصةَ ، واحــــذر
فَوتها
فَبُلُوغُ العزِّ في نَيلِ الفُـــــرص
واغتنم عُـمْـركَ إبانَ الصِــــبا
فهو إن زادَ مع الشــــيبِ نَقَصْ
إنما الدنيا خــــــيالٌ عارضٌ قلَّما يبقى ، وأخـــــــبارٌ تُقصْ
تارةً تَدْجو ، وطـــــوراً تنجلي عادةُ الظِلِّ ســــــجا ، ثمَّ قَلَصْ
فابتدر مسـعاك ، واعــلم أنَّ من
بادرَ الصـــيدَ مع الفـــجرِ قنص
لن ينال المــــرءُ بالعجز المنى
إنما الفوزُ لِمن هـــــــمَّ فنص
يَكدحُ العاقــــــلُ في مأمـنهِ
فإذا ضــــاقَ به الأمرُ شَخَصْ
إن ذا الحاجـــــةِ مالمْ يغتربْ
عَنْ حــماهُ مثْلُ طَــيْرٍ في قفصْ
وليكن سعـــــــيك مجداً كُلُّهُ
إن مرعى الشـــر مَكْرُوهٌ أَحَصْ
واتركِ الحِـــرصَ تعِشْ في راحةٍ
قَلَّما نــالَ مـُــنـَاهُ مَنْ حَرَصْ
قد يَضُرُّ الشـيءُ ترجُـــو نَفعَهُ
رُبَّ ظَمْآنَ بِصَـــفوِ الماءِ غَصْ
مَيزِ الأشــــــياء تعرفْ قَدرها
ليسـتِ الغُرَّةُ مِنْ جِــنسِ البرصْ
واجـــــــتنبْ كُلَّ غَبِيٍ مَائِقٍ
فهو كَالعَيْرِ ، إذا جَــــدَّ قَمَصْ
إنما الجاهـــــلُ في العين قذًى
حيثما كانَ ، وفب الصدرِ غَصَصْ
واحذرِ النمـــامَ تأمنْ كَيْدَهُ
فهو كالبُرغُـوثِ إن دبَّ قرصْ
يَرْقُبُ الشَـــــرَّ ، فإن لاحتْ لهُ
فُرْصـَةٌ تَصـْلُحُ لِلخَـــتْلِ فَرصْ
سَاكنُ الأطـــــرافِ ، إلا أنهُ
إن رأى منَشـــبَ أُظْفُــورٍ رَقَصْ
واختبر مــن شــئت تَعْرِفهُ ، فما يعــرفُ الأخــلاقَ إلا مَنْ فَحَصْ
هذهِ حِكـمـةُ كَـهلٍ خابرٍ
فاقتنصها ، فهي نِعْـمَ المُقْتَنَصْ
|