ف |
شعر مترجم |
رسالة إلى الشاعر محمود
درويش
عبد
العزيز جويدة - مصر
ليس للأشواقِ حدٌّ
والهوى دربٌ طويلٌ
قد قطعناهُ سويًّا
ورجعنا غرباءْ
شاعرَ الجُرحِ أجبْنا
كيفِ تَبني أسطُرًا من بحرِ دَمْ
تَبعثُ الأمواتَ منا
كي يَهُبُّوا للفداءْ ؟
كم تُعاني ، كم تُقاسي !
تَحتسي عِطرَ المآسي
ثم تَهمي فوقَنا شِعرًا جميلاً
مثلَ زخَّاتِ الشتاءْ
***
واقفٌ كالسيفِ تَلمعْ
في عيونِ الكبرياءْ
سوفَ تَبقى فارسًا دومًا عنيدًا
فسيوفُ الشعرِ أمضى
من سيوفِ الادعاءْ
ضِفَّةٌ للجرحِ تبدو لي هنالِكْ
وأنا جُرحي كذلكْ
ضِفتانِ ..
من جروحِ الأنبياءْ
وأنا والليلُ نبحثْ ..
عن طريق ،
عن صديقْ ،
أيِّ مقهى ...
نتسامرْ ..
ثم نجهشْ ..
في البكاءْ
***
قبةٌ من فوقِها درعٌ ورايةْ
حين صارتْ كلُّ راياتِ العروبةْ ..
"كربلاءْ"
أولُ الراياتِ جرحٌ
آخرُ الراياتِ فتحٌ ..
في السماءْ
***
أيها الداعي لنا
ابقَ فينا
علَّهُ يُجدي البقاءْ
راكبًا مُهرَ القصيدةْ
شاهرًا سيفَ المعاني
في وجوهِ الأدعياءْ
ساحةُ العيدِ جَبينُكْ
كلُّنا جئنا نُصلي عندَ رأسِكْ ..
في انحناءْ
سوفَ نشتاقُ إليكَ
كلَّ صُبحٍ
لنشُمَّ ..
من عبيرِ الشعرِ عطرًا
إن في الشِّعر شفاءْ
***
يَسألُ الأطفالُ عنكَ
في طوابيرِ الصباحِ المدرسيَّةْ
عاشقَ النايِ تَعبْنا من غِناءٍ
كلما جئنا نُغني شِعرَنا
غُصَّةٌ في الحلقِ تَذبحْ ..
حبلَ صرْخاتِ الضحيَّةْ
أيها الأمواتُ ندعوكم جميعًا
للوقوفِ ..
للحدادْ
ونُعبِّئْ ..
شعرَنا أكياسَ قمحٍ
للعبادْ
ويكونُ الطفلُ "محمودُ"
الذي بالأمسِ سافرْ
راحَ للموتِ وعادْ
***
يا بُراقَ الموتِ ألهمني السَّكينةْ
كي أردَّ ..
بعضَ ما يومًا أخذتُ ..
من هِباتْ
يا تُرى هل بعدَ هذا الموتِ شيءٌ
ربما إنْ كانَ شيْءٌ ...
ربما طولُ السكاتْ
إن يكنْ شيئًا جديدًا
فامنحوني في فلسطينَ الحياةْ
علِّموني قطعَ أعناقِ الغُزاةْ
هذهِ أرضُ القيامةْ
والقيامةْ ..
سوفَ تأتي الآنَ من كلِّ الجهاتْ
ليسَ للأرضِ أمانٌ
كلُّ زلزالٍ تَخَفَّى سوفَ يَضرِبْ
لا تَقُلْ لي : ومتى الزلزالُ آتْ ؟
إن تأخَّرْ ليسَ يعني
أن وقتَ الحسمِ فاتْ
***
تُصبحونَ الآنَ في خيرٍ
وأُصبِحْ ..
في المنافي من جديدْ
يا تُرى في الموتِ نُنفى
من جديدْ ؟
ونعاني من سجونٍ ومعابرْ ،
وقريبٍ ، وبعيد ؟
آهِ يا موتُ اختطفْني
لا تُفكرْ في الأحبَّةْ
اختطفني سوفَ أولدْ ..
من جديدْ
ياتُرى للقبرِ بابٌ ؟
سوفَ أخرجْ ..
للتنزُّهْ ..
كلَّ فجرٍ ، كلَّ عيدْ
سوفَ أنظُرْ ..
من عيونِ الموتِ كُرهًا
للطغاةِ ، والبغاةِ ، والعبيدْ
وذراعي سوفَ تَخرجْ ،
وتُلوِّحْ ..
يابلادي للأحبَّةْ ..
من بعيدْ
آهِ ياموتُ اختطفْني
سوفَ أقطعْ ..
أيَّ بيدْ
يا صغارَ القدسِ خلفي
رددوا هذا النشيدْ
كلُّ موتٍ نحن منهُ ..
سوفَ نولدْ ..
من جديدْ
لا المجازرْ ..
أنهكتْنا
كيفَ نَفنى في المجازرْ ؟
والخيامُ جمَّعتْنا
لقَّبتْنا بالمُهّجََّرْ
صنَّفتْنا بالشَّريدْ
والدموعُ ، والدماءُ ،والمنافي ، والبريدْ
كلُّها قد صادفتْنا
بعدَها ماذا نريدْ
والتجارِبْ ..
علَّمتني أن في الآفاقِ بُعدًا
لن أراهُ
رغمَ أني كنتُ في يومٍ أريدْ
***
يا صباحَ الشعرِ
هل للشعر صبحٌ
وبلادي تستقي كلَّ المشاعرْ
كي تُسافرْ ..
خلفَ راياتِ المحبَّةْ ..،
والسلامْ ؟
صبرَ أيوبٍ صبرْنا
وانتهتْ أيامُنا
قد تبعثرنا بآلافِ الخيامْ
ليسَ هذا صبرَ أيوبٍ ولكن
ذاكَ صبرُ العجزِ دومًا
عندَ تزويقِ الكلامْ
***
سفَرٌ لأينَ
وأنتَ وجهُ قضيَّةٍ
ودليلُ شعبٍ ضائعٍ وسطَ الزحامْ ؟
أهي البدايةُ
أم نواقيسُ الختامْ ؟
ماذا سنكتبُ فوقَ شاهدِكَ الرخامْ ؟
سنقولُ كانَ مُقاتلاً
أو فارسًا ،
مستحيلٌ أن يكونَ له قرينْ ماذا أضفْنا بالكلامْ ؟ ستظلُّ أكبرَ من جميعِ كلامِنا والحزنُ لا يَهَبُ التأسِّي في مآسينا العِظامْ والقولُ يعجِزُ آهِ يعجِزُ آهِ في هذا المَقامْ يا فارسَ الكلِماتِ ما عادَ الفتى متوشِّحًا سيفَ القصيدةِ ، ذاهبًا للقنصِ من حُمرِ الكلامْ نامَ الفتى متوسِّدًا جُرحَ القصيدةِ في أسى تحتَ الخيامْ هالوا الترابَ على جفونٍ تحترقْ بجفونِهِ حضَنَ الترابَ وراحَ في صمتٍ ونامْ
|
|
|
|