أوشكت أقرئك السلام
فلم تطق شفتاي!
مثلك.. ليس يدرك ما السلام
يامن تعيد خريطة الدنيا
كأنك صرت رباً للأنام
اجلس وشاهد كيف تحتدم الفواجع
كيف يندلع الدمار
وأنت تمعن في الصلف
فإذا دروعك من خزف
وعيون آلتك الغبية
عاشيات في الظلام
تطأ السلام مضرجاً
في أعين الأطفال والجرحى
وأشلاء الضحايا
وانكسار الشمس
في قلب المدار!
هذا هو التحرير
تطلقه شعاراً
في زمانٍ, فعلك المشؤوم فيه
هو الشعار
تحرير من؟
يا من تداور بالخداع
تظن أن جهازك المسعور أقنعنا؟!..
وأنك وحدك الأذكى؟!
وأنك مصلح الكون الجديد؟!
وأنك الأبقى؟!
ولا تدري بأنك للبوار!!
ماذا جنيت؟
مهانة التاريخ...
عاراً.. زاحفاً في إثر عار!
وزعمت أنك جئت ــ مدعواً ــ
لتحرير العراق؟..
لتحرر الأطفال والسجناء,
والشعب المهيض المستكين
وماء دجلة والفرات
وترد للوطن الحزين..
جميع من عبروا الشتات!...
ها أنت ذا...
قد جئتهم بدوائك الشافي:
صواريخ المحبة والوئام
وراحة الموت الزؤام
وحق تخريب الديار!
وزعمت أن الناس ــ كل الناس ــ
ينتظرون لمستك العجيبة حين تسري
يهرعون وينثرون ورود أرض الرافدين
أمام موكبك المجلى
يرقصون على مقام الرصد
ترحيباً بمهدي الخلاص المنتظر!..
ماذا جرى للناس؟!
إن الأرض تغلي...
والسماء تضج حولك بالشرر
والخارجين إليك..
أيديهم رصاصات... وموت ينهمر
هم للعراق..
فليس يعنيهم نظام
أو يعنيهم خطر..
وسواد دجلة والفرات مقدس...
وثراه آيات.. وعنبره سور
هم للعراق:
الصوت والمعنى..
وبرهان الحقيقة... والتحدي.. والقدر!
الآن أغنية الصمود هي الغناء
وأنت صوتك في انحسار
راهن كما شاءت لك الأحلام والأوهام
وافتك بالصغار وبالكبار
سقط القناع وأنت لا تدري بعريك
والعيون تراك في وضح النهار
ها أنت ــ في أقصى الطريق ــ
تحوطك اللعنات والخيبات...
والحلم الكسير.. وغصة في الحلق
خاب السعي, وارتفع الستار
فإذا الشخوص دمى...
وما يجري... صغار في صغار
ماذا يفيدك أن كسبت اليوم معركة
فإنك خاسر كوناً
يصدك في احتقار!
ذق ـ مرة ـ طعم الهوان والانكسار..
واشمخ بأن عصابة خطفتك
تملي ما تشاء عليك..
تعشي ناظريك
وأنت تحسب ـ يا لهول الطيش ـ
أنك أنت تتخذ القرار!
وانظر لجندك:
يقتلون.. ويؤسرون
ويهرعون إلى الفرار..
تاهوا مع الصحراء
والصحراء غول قابع خلف الغبار
وحنظل في الانتظار
يا ليت مثلك كان يدري
ما الذي سحقته أحذية الغزاة
لعرفت أنك في العراق, وما العراق
قرون أمجاد, منارات
تسطرها الملاحم في انبهار
راهنت أنك فاتح القرن الجديد
وأنك الراعي
تهش على قطيع العالم المذعور
يركع في انكسار
بغداد صامدة...
وأنت مزنر بعباءة السفاح
كابوس بأحلام الصغار
تتأمل الشعب الذي مازال
خلف سجونه الكبرى
وليل الذل...
والسحل المروع والحصار
هو بين سفاحين مرجومين
من نار لنار
هو بين جلادين مرتهن
ونحن نعيش عصر الانشطار
هو ذا يقوم كطائر "الفينيق" منتفضاً..
.يذود عن التراب...
ويفتدي وطناً وتاريخاً
ويدحر حلفك المشؤوم
يمعن في البطولة والفخار..
بغداد صامدة.. وإن سقطت
فقد أعطت مغول العصر
درساً, ليس ينساه التتار
بغداد صامدة.. وإن سقطت
فقد عرفت مذاق الانتصار!..