ف

راسلنا

منتدى

عن الندوة

أدب وأدباء

صوت الشعر

شعر صيني مترجم

شعر إنجليزي مترجم

شعر مترجم

شعر عربي

فدوى طوقان - فلسطين

نبوءة العرافة

فدوى طوقان - فلسطين

 

حين بلغت عامي العشرين ْ

قالت ليَ العرَّافة الدهريهْ:

(تنبئني عنك الرياح في هبوبها)

(تقولْ

(تعويذة الشر المحيق ههنا)
(ببيتك المهلهل المشطورْ)
(معقودةً تظلُّ لا تزولْ)
(حتى يجيء الفارس المكرس المنذور)
(تنبئني الرياح في هبوبها)
(عن فارس يجيء)
(لا واهنًا ولا بطيءْ)
(تقول لي يجيء من طريقْ)
(تشقها من أجله الرعودْ)
والبروقْ)
- : هلاَّ سألتِ لي الرياح يا
عرَّافة الرياح
متى يجيء الفارس المنذورْ?
- : (حين يصير الرفض)
(محرقةً وجلجلهْ)
(تلفظه أحشاء هذي الأرض)
(من جسمها بِضْعُهْ)
(لكنما الرياح في هبوبها)
(تقول حاذري)
(إخوتك السبعهْ)
(تقول حاذري)
(إخوتك السبعهْ)
***
تحت شقوق سقفي المصدوعْ
وقفت عند الشرفة المخلّعهْ
أحلم بالتكوينْ
أنتظر الآتي
أصغي لنبض البذرة الدفينْ
يخض رحم الأرض
يرضع قلب السنبلة
يا كيمياء الموت والحياهْ
متى يصير الرفض
محرقةً وجلجلهْ?!
كانت خطاه حين جاء جرسًا
يقرع في أقبية الظلامْ
والريح كانت حين جاء فرسًا
تركض تحته وتنفض الحطامْ
أردفني وراءه وقال يا حبيبتي
حبك يحمي ظهريَ العريانْ
التصقي بي, لا تخافي الليل والذوبانْ
فالحب لا يخافْ
***
يوم امتطيناها ظهور الخيل
راحت أغانينا
تومض مثل الخنجر العريانْ
على ضفاف الليلْ
على ضفاف الليلْ
تسامقت أشجارنا وأطلعتْ
الزهر والأثمار والنجومْ
وكلما نجمٌ هوى
في موسم الإعصار والسمومْ
انتفضت أشجارنا وأطلعتْ
يوم امتطيناها ظهور الخيل
تجوهرت جباهنا في الشمس
تعصبت بالعنفوانْ
صرنا الرؤى تلمُّها الأجفانْ
صرنا زهرْ
على شفاه السهلْ
والغور والنهرْ
وأصبحت هدب الصغارْ
راياتنا
حين تفتحت عيونهم على
وميض أغنياتنا
(صوت داخلي):
(لكنما الرياح في هبوبها)
(تقول حاذري)
(إخوتك السبعهْ)
(تقول حاذري)
(إخوتك السبعهْ)
(تقول حاذري)
(إخوتك السبعهْ)
- لو انّا نطّامن من صوتنا
ونكبح هذا الهياج
ولو نتوارى ونمشي رويدًا رويدًا
وراء السياج
فلي إخوةٌ يا حبيبي غُيُرْ
 
لو أنَّ القمرْ
يعود إلى كهفه في الجبال ويرخي السُّتُر
أخاف الضياء يشي يا حبيبي بنا
فإن كلاب الطراد على دربنا
تُجن إذا برقت في الظلام نصال القمرْ
- حبك يحمي ظهريَ العريانْ
التصقي بي, لا يكون الحب يا حبيبتي جبانْ
(صوت داخلي):
(لكنما الرياح في هبوبها)
(تقول حاذري)
(إخوتك السبعهْ)
(تقول حاذري)
(إخوتك السبعهْ)
(تقول حاذري)
(إخوتك السبعهْ)
قابيل الأحمر منتصبٌ في كل مكان
قابيل يدقُّ على الأبوابْ
على الشرفاتْ
على الجدرانْ
يتسلّق يقفز يزحف ثعبانًا ويفحُّ
بألف لسانْ
قابيلُ يعربد في الساحاتْ
يلفُّ يدور مع الإعصار, يسدُّ -
مسالكْ
ويشرّع أبوابًا لمهالكْ
يحمل في كفّيه غَسولَ الدمِّ -
توابيت النيران
قابيلُ إلهٌ مجنون يحرق روما
والموت كبير يتنامى
صفصافة بَلُّورٍ أحمرْ
يسقيها القابع في (المخفرْ)
فتمدُّ تمدُّ تمدُّ تمدُّ
تمدُّ وتنتشر الأغصانْ
وعلى الآفاقْ
على الطرقاتْ
على العتباتْ
على الحيطانْ
أوراق اللّهب ترقّصها ريح الشيطانْ
الموتُ كبيرٌ يتنامى في كل مكانْ
الموت وقابيل الأحمر في كل مكانْ
مددتُ نحوهم يديْ
ناديت في حزني وفي نحيبي
يا إخوتي لا تقتلوا حبيبي
لا تقطفوا العنق الفتيّ
سألتكم بالحب, بالقربى سألتكم وبالحنان,
يا إخوتي لا تقتلوه
لا تقتلوه
لا تقـ.......
حين استراح الموتْ
وعرَّشتْ حولي غصون الصمتْ
حنوت فوقه أنوء بالأسى
أمسح صدره المهشم الضلوعْ
أمسحه بالحب والأحزان والدموعْ
لملمتها أشلاءه المتبّلهْ
بالدم والدخان والحصى
لملمت ليل غابة الشعرْ
والشفة التي تمزَّقت كما الزهرْ
وماستيْ عينيه
(واهًا كانت العينان تثقبان
غابة الظلام, كانتا
مستودع الرؤيا وموطن
الحلم)
لملمته شلوًا فشلوًا
باقةً من الزهرْ
أسلمتها إلى الرياحْ
وقلت يا رياحْ
هذي شظاياه ابذريها
في السفوح والقننْ
وفي السهول, في ثنايا الغورْ
في مسارب النهرْ
خذيه وانثريه عبر كل ساحة الوطنْ
يشدني أيلول
إلى شقوق بيتيَ المهلهل المشطورْ
ولم تزل عرّافة الرياحْ
تطرق بابي الحزين كلما تنفّس الصباحْ
تقول لي:
(حين تتم دورة الفصولْ)
(ترجعه مواسم الأمطارْ)
(يطلعه آذارْ)
(في عربات الزهر والنوَّارْ)

 

Comments 发表评论 Commentaires تعليقات

click here 按这里 cliquez ici اضغط هنا

ضع إعلانك هنا