في تلك اللحظة
أديب كمال الدين - العراق / أستراليا
( 1 )
حين بدأ يرمي حروفه
الواحدَ تلو الآخر في النار
كانتْ عيناه تشعّان
بوميضٍ غريب
وميض من البهجةِ والألمِ والخسران .
كانت النار
تصّاعد شيئاً فشيئا
حتى تكاد تصل الى السقف .
لايهمّ
- قالَ
في
سرّه –
لايهمّ
كلّ شيء سينتهي ذات يوم
كما انتهتْ هذه الحروف !
( 2 )
استمرّ برمي الحروف في النار
كلّ ليلة
مغيّراً في مكانِ النار
مرّةً في الغرفةِ المطلّةِ على الجحيم
مرّةً في الحديقةِ المطلّةِ على رمادِ الخريف
مرّةً في التنورِ المطلِّ على مواجع الخبز
مرّةً في فناءِ الدارِ المطلِّ على ربيعِ الحشرات
مرّةً في الشارعِ المطلِّ على العبث
مرّةً في النهرِ المطلِّ على حذاءِ الطفولةِ الأحمر
مرّةً في البحرِ المطلِّ على احتفالاتِ العري والتعرّي
مرّةً في أجسادِ النساءِ المطلّةِ على اللذّة
مرّةً في المقبرةِ المطلّةِ على الندمِ والعظام .
( 3 )
بعد أربعين عاماً من الحريق
لم تعد أصابعه تقوى على رمي الحروف
ولم يبقَ لديه مكان لإشعالِ الحرائق
في تلك اللحظة
في تلك اللحظة فقط
عرفَ قيمةَ الكتابة
وبدأ يكتبُ الشعر
حرفاً فآخر !
|