اساعة معطلة في القيامة
بيروت
تك تك تك
تنبض والجنوب لحد لمن؟
اجاب المقاومون
بالطريقة التي يفهم
الغزاة.
ففي الحرب
لا يكترث الموتى عادة
لمرور الطائرات اللطيفة
تنزعج الحياة
تكزّ على اسنانها
ولاتحرّك في قلب الحرب
شيئا
000
بيروت هشة كقلب
فكيف سيعض الموتى
على اصابع الاحياء
لتستفيق من رقادها
ساحات بيروت,
دراويشها
والساحل على بعد حرب
من صراخ بحر يستغيث
على مسافة انفجارين
يتزاوجان
وينجبان آلاف الشظايا
000
قبل ان تغير الطائرات
للمرة الالف
كيف سيخبئ الاطفال
احلامهم في الظلّ,
العابهم في زاوية لا
تراها
قبل ان تذهب ارواحهم
الى نزهة في الهشيم
وقبل ان تلعب ريح وسخة
بجدران البيوت,
باعمدة الكهرباء,
وبالجسور والارصفة.
000
بيروت هشة كقلب
لا مزيد من المراثي
للطفل الذي كتب في دفتره
المدرسي:
مللتَ دور الضحية
لا لون للسماء في عيوني
لا صفاء للبحر والالعاب
لا طعم للبرتقال
لا غواية للخبز
في هذا الموت السفيه
ابحث عن اقصر لوعة
من صدر امّي
الى حليب البلاد.
000
ساعكّر دم القصيدة
بادخال اسم امريكا الكريه
في ابياتها
وساغافلها
لتكون اسرائيل حاضرة
كما يليق بسفاح
وببساطة ساكتب:
هذه الحكومات خدم واكتفي
وسافترض ان الطائرات
غربان الجحيم
ولكن كيف سافترض
ان بيروت وردة المطر
الاخيرة ؟.
000
في الجنوب
لا يلعب الاطفال في
الشوارع
تختفي الشوارع مجبرة
تتكوّر على نفسها
ملتقطة آخر الانفاس
لا تلعب الطيور في الهواء
يلعب هواء اسود
بريشها
وببقايا الاعشاش
لا تلعب الحافلات
بالمسافة كعادتها
تلعب الطائرات بها
تعضها من اقدامها الحافية
لا يكتشف الهاربون من
الحرب الفارق
بين الموت والحياة
حين تبدل الحدود اماكنها
في القصف الذي
يحيل كامل الارض
الى جثة هامدة.
000
الحرب بسيطة كالقصيدة
وسهلة كالموت
الحرب هي الرسائل المريضة
التي يرسلها
قاتل الى قتلاه المحتملين
ويرقص للدم
وهو يغيّر لونه
على الحجارة والتراب
ولان القصيدة
عاجزة عن خدش كرامة الحرب
ابارك المسامير التي
ابقت صور عائلة على
الجدار
000
كيف سيصف الشاعر الموت
اكما يحسّ به
حين لا يراه
وهل سيقوى
ان يعيد حجرا شاردا
الى مكانه القديم
ان يعيد المياه الى ارض
مثقوبة بالرصاص
او ان يحاول جدولة القتلى
على ارومة الحياة
وكيف سيقبض على الحرب
متلبسة
بلغة عادية تماما
دون الوقوع في احابيل
البلاغة
وكيف يسمي الطفل طفلا
حين يحصي اعضاءه الناقصة
وكيف يجمّع
كل هذا الذي تناثر
في مقطعين قصيرين
لنستدلّ أي موت يعني
اموت حداثيّ
ام موت قدبم
بمخالب واضلاف
لنتصالح مع نوايانا
الجميلة
في مقبرة هذه الحرب
حيث لم يبق شييء
على حاله
حتى القاتل بامكانه
دون مخاتلة
ان يتقدم الصفوف في
العزاء.
000
تتشابه القصائد التي تكتب
عن الحرب
ولا يتشابه الموت
يتشابه الموت احيانا
وتختلف القصائد
على سبيل المثال:
تتشاجر المفردات
على وصف طفل ضائع في
البكاء
على وصف امرأة
بكامل احلامها
في لحظة الموت
في وصف بيروت
كما يليق بجنازة
تتشابه القصائد
ويختلف الشعراء
ايمزح احدهم
حين يكتب قصيدة حب
ليسدد طعنة الى الحرب
ويراوغ آخر
لادخال السياسة
من ثقوبها الضيقة
ينجح او يفشل
هذا متوقف
على قوة ضخ الدم في
القصيدة
على الزاوية التي يرى
الموت منهاجماليا
قدرته تجميع العناصر
المتباعدة
في جملة
في سطر
في مقطع
دون التباهي
بصورها النازفة.
000
بسيط هو الموت
والقصيدة لا تحتاج للكثير
من المهارة
لتدخل الحرب في شراكها
بسيطة هي الحرب
لا تحتاج ان يسبح الاطفال
في غبارها
الناري لنعرفها
كما لا تحتاج الطائرات
الى ادلاء
لتوزع هداياها الحميمة
بسيط هو الموت
ولا يتكلف الكثير
ليقتنص خمسين روحا
في ضربة واحدة
000
لن اكتب في قصيدة الحرب
البسيطة:
تساقط الاطفال كالنجوم
الصغيرة
لان المباني لم تقرر من
امرها شيئا
حين تهاوت
على اجسادهم الناعمة
والحجارة لم تضمر أي عداء
حين افترشت لحمهم
كفراش وثير
سهل هو الموت في الجنوب
كطائر حط بسلام
على شجرة آمنة
سهلة هي الحياة
ولكن
في اماكن اخرى من العالم
.