
في الصباح
فاطمة ناعوت - مصر
لم أعدْ خائفةْ ،
ليس لأن اللصوصَ ماتوا بالأمسْ ،
و لا لأن البشرَ سيصمتونَ
حين تتَّسِعُ الرؤيةُ ،
لكنْ
لأن الكفَّ ستظلُّ في مكانِها.
تكونُ الحياةُ مُحتَملَةً
إذا انتهتْ لقاءاتُ الأحدِ
إثر سقوطِ البنيويةِ ،
لأن موتَ المؤلفِ
يعقبُه اختفاءُ المهاتفاتِ الصباحيةِ .
السَّيدةُ الغاضبةُ كذلك
كانت خائفةً من البنتِ الإلكترونيةِ
التي رسمَها " آل – باتشينو" بنِسَبٍ مضبوطةْ
فدسَّتْ الفيروسَ في مؤخرةِ الرأسْ
لينجو من الشِّعرِ
والمثقفاتْ .
هي
لمْ تقرأِ الكتابَ
على النحو الصحيحْ
و إلا لتعلَّمتْ أن الشاعرَ
إذا صنعَ آلافَ الأوراقْ
فإنه فقط
يريدُ أن
يطيرْ .
قالَ الشاعرُ :
" الخائفون مائةْ "
فأخبرتُه أني أولُهم ،
لكنّي لا أحتاجُ أن أراهم لأطمئنَ ،
و لا أُراهنُ على انكسارِ أمريكا
أو ركوبِ الدراجاتِ في القناطرْ ،
ولستُ على يقينٍ من انحسارِ موجةِ الحرِّ
أو حتى من وجودِ
" سليم سحاب " في الأوبرا
الخميسَ القادم .
لستُ أعرفُ
لماذا أكتبُ الشعرَ ،
ولمَ البشرُ كثيرون ،
لماذا لا تأتينا المعرفةُ
ككبسولةٍ في المخِّ حينَ نولدْ ،
و لمَ جفلْتُ حين انتبهتُ أني امرأةْ ،
بينما قاعةُ العرضِ
خاليةْ ،
و كفافيسُ لمْ يزرْ مكتبةَ الإسكندرية
مع أن العجوزَ
تنتظرُ كلَّ يومٍ
على المقهى ؟
لا يقينَ هناكْ
سوى أنه مستلقٍ إلى جوارِها الآن
- بعدما أغلقَ الهاتفَ -
لعدّةِ أسباب :
أولاً
لأن الساحلَ الشماليَّ
مازالَ في الشمال .
ثانيًا
لأن الفيروسَ أخذَ مسارَه
داخلَ الدماغْ
و صفقَّ الجمهورْ .
ثالثًا
...
رابعًا
...
...
ثم إن كفافيسَ قد ماتَ من زمان ،
لذا
لن يكون بوسعِ البنتِ الطيّبةْ
أن تُعدَّ قهوةَ الصباحْ .
مع هذا
ما عدتُ خائفةْ
لأن الكفَّ اليسرى
ستبقى هناكَ .
في اليمنى.
القاهرة / 4 أبريل 2003
|
|