شموع عيد الميلاد الاخير
الى تانيا في وحدتها العارمة
فواز قادري - سورية / ألمانيا
السماء بصفاء
زرقتها سكنت عينيها ، بغيومها الذاهبة ،وبالراحل من العواصف،
والماء المالح المتكوّر
يتكسر على رفيف الاهداب.
قلب عاشقة هذا الذي يبكي ،
زمن عشق بكامل تضاريسه يتفتت،
ذكريات شرسة ، ليال بعناقات اشدّ ضراوة من الحنين ،كلها تتدحرج مع ذاك
الماء المالح .
اين انتِ منه يا "تانيا" ، من يديه التي مرّت بشغف على شعركِ القصير،
تلك التي داعبت جسدكِ الراعش من العذوبة، نهديكِ ، حتىّ مكامن النشوة
المقدسة .
ماذا ستفعلين بجسدكِ المنفتح على شهوة الله القصوى .
اين حدود الدفء "تانيا"، واين حدود الوحدة ؟ .
وانت يا "ياني"، اين امطار ولهك، واين الورود ، اين المواعيد والقبل ،
اين حدود العشق ،واين حدود الرغبة .
"تانيا" توغل في زمهرير وحدتها ،
و"ياني" يحلم بصبية لها رائحة بلاده اليونان .
هي كل يوم تكتشف رائحته الباقية، على المقاعد، في الاكواب ،في الاغطية ،
وفي رحابة السرير .
هو لا يبالي: بانكسارها ،وبصرخات روحها المكلومة.
مالذي يبحث عنه ؟، ايّ صبابة تلك التي لبّى نداءه،
وايّ الانهار التي وعدته باغتسال مختلف اجمل .
هي تنكمش في وحدتها ، وهو يتسع لا تعرف اين .
قال لها : انتهينا الى المحطة الاخيرة .
قالت له: لامحطات عندي بعد ذلك .
ادار ظهره لعناقها وللقيلات ،
وادارت قلبها الكسير ،لصفير قطار ضائع بين اتجاهين .
البيت اسوار ، والزهور في الشرفة طيور محنطة .
العاشق اللاهي طليق هناك ،
عالمها بارد بارد : الرقصات اليونانيّة التي تعلّمتها لاجله ،
الموسيقى التي شغفت قلب المساءات ، دواوين شعر ” بيير فرانك ، :"انا احبكِ"
:
"دخلت حياتي كعاصفة" . وها هو يخرج من حياتها كعاصفة ، دمرت كلّ شيء
” نجمة لاجلكِ ، "هايني" : "نجوم بلا حركة ، في الاعالي ،آلاف السنوات ،
بألم الحب ، ترنو الى بعضها."
وها هي كنجمة وحيدة تهفو اليه .
اكواب الشاي ، اقداح النبيذ تحنّ الى ملمسه ،الغابة القريبة التي طالما
اكتشفا غموضها
معا في المساء .
بكت الاشياء معها ، وهي تتبع آثاره داخل الاسوار .
سألت الجميع لماذا رحل ، لا اجابة .
فقط الشموع التي اشعلاها ،في عيد الميلاد الاخير،
تخبئ الاجابة في حناياها المطفـأ ة .
شموع عيد
الميلاد القادم ، حزينة ،
والطائر العاشق يحلّق في البعيد .