لا تأتِ الآن يا أبي
فالذّي يهاتفُني الآن ليس
سوى الولدِ القديمِ
الولدِ الذي كسَّرَ
كنيسةَ الميكانو
بشاكوشِه الصغيرِ ذي
الأسنانِ البيضاء
بعدما ركَّبْتُها في
أربعينَ سنةً.
لستُ مضطرةً بحالٍ
أنْ أخبرَكَ
أنَّ قيمتَكَ الرفيعةَ
عندي
محضُ شرفيةٍ
لا لأنكَ مِتَّ منذ عشرين
عامًا،
ولا لأن سقوطَ السلطةِ
مفهومٌ حداثِّي
ولكن
لأنكَ أحببتَ أمي بجدٍ
مع أنها لم تحِّبْ فهدَ
بلان،
ثمَّ أنكَ طيِّبٌ أصلاً !
فمثلا
ماذا يضيرُ لو أخبرتُكَ
أني رجعتُ للمدرسةِ
القديمة،
فتحتُ المكتبَ البُنيَِّ،
غافلتُ المعلمةَ
وطالعتُ الصورةَ في
كراستي
ثمَّ
كلمتُ الولدَ الذي سيضعُ
نظارةً
بعد عشرينَ سنةً
الواقفَ يسارَ السورِ
مباشرةً
الولدَ الذي يدُهُ في
جيبهِ
ويحِّبُ الخبزَ كثيرًا ،
حتى لو أقسمتُ أنَّ
الولدَ كلَّمَني
كلمَني فعلا واللهِ !
هل ستكشرُ باعتباري
أغرقتُ في الخيالْ ؟
أغلبُ الظنِّ ستضحكْ:
أولاً
لأنكَ تعرفُ أني لا أكذبُ
ثانيًا
لأنكَ تعرفُ أني أنتبهُ
للمعلمةِ في الفصل
ثالثًا
لأنكَ تعرفُ أن الراهبةَ
تنامُ بحجرتي،
هذا ما تعرفُهُ يا أبي
ولذا فأنا أرددُ دومًا:
إنكَ مِتَّ مُبكرًا أكثر
مما يجبُ
أو إنني كبرتُ
أكثرَ مما يجبْ
__________________